جميع ذكور هذا البلد وإناثه يمضون حياتهم محرومين من أن يعيشوا تجربة حب حقيقية, لذلك دائما يتغنون بعشق مجنون ليلى, ويطربون لحب جميل بثينة, ويهيمون بولع روميو وجولييت. لأن الحب في البلد لا يحدث بين اثنين بدون رابط الزواج, وإذا حصل بدون ذاك الرابط فإنه يعد عمل محرم وخطيئة كبرى يعاقب عليها العرف والدين والقانون. لذا اعتاد الكل أن يسرق لحظات الحب في العتمة, أو أن يقضم أحاسيس الحب الذليل على الورق, ويجتره بشغف مع تحركات الممثلات والممثلين, أو بصدى المغنيات والمغنيين, الذين يتقمصون حالات العشق على خشبة المسرح ويجيدون أداءه. العاشق على هذه الأرض يظل دائما كربعها الخالي, منبوذ, معدم, متصحر, عطش, مجرد من كل معنى للحياة. فالحبيبة والدنيا تتحالفان ضده ودائما تقسوان عليه. الحبيبة لا تترك له سوى لهيب من ولع الحب والأسى, ووجع الفراق وحرقة الانتظار, وتدفعه الحياة أن يستجدي دائما بعض قطرات مودة من حبيبة بخيلة, تحن عليه مرة ثم تتركه للجفاف يلوكه لفترات طويلة متباعدة.